تفاصيل الخبر
البنك الدولي : الاستثمار في البشر يمكن أن تساعد في تعزيز مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمواجهة الاتجاهات العالمية الكبرى
9/16/2025 9:21:25 AM
من شأن سياسات التنمية البشرية التي تستشرف المستقبل، والمؤسسات القادرة على الصمود، وإصلاحات التمويل أن يؤدي إلى تعزيز جاهزية بلدان المنطقة لمواجهة تحديات الشيخوخة، والضغوط المناخية، والتغير التكنولوجي.
أصدر البنك الدولي تقريره الجديد عن التنمية البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذا التقرير يحدد أجندة الإصلاح لتجديد سياسات التنمية البشرية، وتدعيم قدرة المؤسسات على الصمود، وسد الفجوات التمويلية حتى تتمكن البلدان من حماية رأس المال البشري وتحسينه في خضم ثلاثة اتجاهات كبرى قوية هي: التغير الديموغرافي، وتغير المناخ، والتحول التكنولوجي. ويشدد التقرير على أنه بالرغم من أن رأس المال البشري هو أعظم مقومات المنطقة ومصدرها الرئيسي لنمو الدخل، فإن هذه التحولات ستفرض ضغوطاً جديدة على الناس وسبل كسب العيش والمالية العامة ما لم يتم تنفيذ إصلاحات حاسمة.
بدوره، قال أوسمان ديون، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان: "إن بناء رأس المال البشري هو أضمن طريق لتحقيق النمو القادر على الصمود والرخاء المشترك، ويحدد هذا التقرير خيارات عملية ملائمة للمستقبل على صعيد السياسات لحماية الناس وإتاحة المزيد من الوظائف الأفضل، لا سيما للنساء والشباب، ويؤكد أن التقدم يتوقف على إجراء إصلاحات مؤسسية قوية وتوفير تمويل مستدام لتحقيق النتائج على نطاق واسع .
يوثق هذا التقرير الصادر بعنوان "تبني التغيير وتشكيله: التنمية البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة التطور" الضغوط المتزايدة على نواتج التنمية البشرية التي لا تزال متأخرة بالفعل، فهناك نحو 70% من أطفال المنطقة في سن العاشرة لم يتقنوا أساسيات القراءة والكتابة أو الحساب، ويبلغ متوسط درجة المنطقة على مؤشر رأس المال البشري 0.49، أي أقل المستوى السائد في البلدان المماثلة في مستويات الدخل. ولا تزال فرص حصول الأطفال في الفئة العمرية من 0 إلى 5 سنوات على خدمات تنمية الطفولة المبكرة متدنية للغاية، كما أن نسبة تغطية خدمات الرعاية الصحية الأولية تقل عن 70%. بالإضافة إلى ذلك، لا تغطي شبكات الأمان الاجتماعي سوى أقل من نصف الفقراء في المنطقة، على الرغم من توسعها.
تشهد المنطقة الشرق حالياً أسرع التحولات الديموغرافية في العالم، فقد بلغ متوسط العمر المتوقع 74 سنة في عام 2023، ومع ذلك فإن متوسط سن التقاعد الفعلي لا يتجاوز 54 سنة. وسترتفع نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر إلى السكان في سن العمل بمقدار 2.5 مرة على مدى 30 عاماً. وبدون إجراء إصلاحات، قد تكلف المعاشات التقاعدية المالية العامة نحو 3% في المتوسط من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2050. علاوة على ذلك، بحلول عام 2030، سيحتاج ما بين 3% و10% من السكان في 7 بلدان في المنطقة إلى خدمات رعاية طويلة الأجل. ومن شأن الاستثمار في الوقاية من الأمراض غير السارية، ودعم إطالة عمر العمل، وإتاحة التعلم مدى الحياة، وإنشاء أنظمة رعاية طويلة الأجل أن يحول دون ارتفاع التكاليف الناجمة عن الشيخوخة وزيادة أعمار السكان، فضلا عن توفير فرص عمل للشباب والنساء.
لا يزال هناك عدم يقين بشأن كيفية تأثر الوظائف في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في المنطقة بالأتمتة والذكاء الاصطناعي مقارنة بالمناطق الأخرى، لكن نظراً لمحدودية الجاهزية للتحول الرقمي في العديد من البلدان، فإن المخاطر على المدى القريب تتمثل في عدم تحقيق الزيادة المرجوة في الإنتاجية. وفي الوقت نفسه، طورت العديد من البلدان قوى عاملة كبيرة للعمل على المنصات الرقمية. ووفقاً للتقرير، يمكن للبلدان تعزيز هذا الزخم عبر تعزيز المهارات الرقمية، وتوفير خدمات الإنترنت الجيدة بتكلفة منخفضة، ووضع لوائح عمل مناسبة للعاملين على المنصات الرقمية.
في نهاية المطاف، من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الحرارة الشديدة وتفاقم شح المياه، مما سيؤثر بشكل غير مباشر على التعلم والصحة والأمن الغذائي. ويؤكد التقرير أن جعل خدمات التعليم والرعاية الصحية أكثر مرونة وقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، بالإضافة إلى توسيع نطاق الحماية الاجتماعية، سيساعد الأسر المعيشية على إدارة هذه المخاطر. وفي الوقت نفسه، يمكن للمنطقة الاستفادة من الإمكانات الوفيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح واعتماد التكنولوجيات الخضراء لتسريع وتيرة تنويع النشاط الاقتصادي. وسيتطلب ذلك استثمارات مستهدفة في المهارات الخضراء على مستوى أنظمة التعليم والتدريب.
سيتطلب تحقيق هذه الرؤية سد فجوات الجودة على مستوى المؤسسات. هذه الفجوات تظهر في العديد من البلدان مقارنة بالمناطق الأخرى، مما يؤدي إلى انخفاض النتائج لكل دولار يُستثمر، لا سيما في مجالي الصحة والتعليم. كما يسلط التقرير الضوء على أساليب تعزيز المساءلة على مستوى المنطقة وخارجها، فضلاً عن تحسين استخدام البيانات، والاستفادة من الرقمنة، وتجربة الأدوات الممكنة بالذكاء الاصطناعي لتعظيم الاستفادة من القدرات البشرية.
حتى يتسنى الخروج من دائرة الجمود على مستوى تمويل قطاعات التنمية البشرية وإيجاد حيز في المالية العامة للاستثمارات الجديدة، يقترح التقرير تدابير لتعبئة الموارد المحلية بشكل عادل، وتحسين تخصيص النفقات، وجذب التمويل من مصادر غير تقليدية.
تعليقاً على ذلك، قالت فادية سعادة، المديرة الإقليمية لقطاع الممارسات العالمية في وحدة الناس بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان بالبنك الدولي: "يرسم التقرير خارطة طريق لحماية الناس من صدمات اليوم، فضلاً عن تعزيز جاهزيتهم من أجل اقتصاد الغد". وأضافت: "من الضروري الخروج من مسار الركود والجمود والعمل على مواجهة تراجع الاستثمارات في التنمية البشرية وربط ذلك بإصلاحات مؤسسية تعزز تحقيق الأثر المطلوب، فضلاً عن العدل والإنصاف، كما يمكن للتمويل الأكثر ذكاءً واستدامة أن يحول التغيرات الديموغرافية والمناخية والتكنولوجية إلى محركات لخلق الوظائف وتعزيز الإنتاجية.
نبذة عن التقرير
يتضمن هذا التقرير الصادر بعنوان"تبني التغيير وتشكيله" النتائج التي خلصت إليها نتائج 3 تقارير فرعية تناولت سياسات التنمية البشرية (رابط)، والتمويل (رابط)، والإصلاحات المؤسسية (رابط)، والعديد من الدراسات التفصيلية الوافية، بما في ذلك دراسات عن المهارات الخضراء والرقمية. وتقترح هذه التقارير جميعاً أجندة ذات ثلاثة محاور للتخفيف من المخاطر واغتنام الفرص، لا سيما وضع سياسات ملائمة للمستقبل، وتعزيز أسس رأس المال البشري ودعم المؤسسات، وضمان توفير تمويل كافٍ.